- ندوات إذاعية
- /
- ٠11برنامج الإعجاز العلمي - دار الفتوى
مقدمة :
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوة الإيمان والإسلام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
هناك حقائق علمية كامنة في هذه الآيات الكريمة التي لم تكشف إلا بعد قرون من التنزيل، لذا كانت كل آية منها برهاناً علمياً ودليلاً منطقياً وعقلياً على أن هذا القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالى، مصداقاً لقوله:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ﴾
وكما أن هذه الدراسة تشكل بنظرنا الرد العلمي الرصين على كل لامزٍ ومشكِّكٍ في كتاب الله عز وجل، وتعاليم رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وتفسير الآيات القرآنية مهمة خطيرة وجليلة، فالقول في كلام الله سبحانه تعالى بغير علم محرّم بنص التنزيل كما جاء في القرآن الكريم:
﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
لذلك اعتمدنا في هذه الحلقات المنهج العلمي الدقيق في تفسير آيات الله سبحانه وتعالى، ومعنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، الأستاذ المحاضر في كلية التربية بجامعة دمشق، خطيب ومدرس ديني في جوامع دمشق أهلاً وسهلاً بكم.
فضيلة الدكتور تكلمنا عن الفلك والنجوم، وعن الإنسان، ودقة خلقه اليوم إن شاء الله نتحدث بشكل عام عن النبات، وذكر النبات في القرآن الكريم.
ترتيب الله للمعاصي و الآثام :
الأستاذ:
إن شاء الله، ولكنني أريد أن أعقب بما تفضلتم قبل قليل من قوله تعالى:
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الله عز وجل رتب المعاصي والآثام ترتيباً تصاعدياً، فبدأ بالإثم والعدوان والفحشاء والمنكر، ثم الكفر والشرك، وجعل على رأس هذه المعاصي:
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾
الإمام الغزالي رحمه الله تعالى يقول: " العوام لأن يرتكبوا الكبائر أهون من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ".
الآيات الدالة على عظمة الله لا تعد ولا تحصى :
وهناك شيء آخر هو أن الله سبحانه وتعالى حينما يقع الإنسان في معصية في مفردات المنهج الإلهي سريعاً ما يتوب منها، أما حينما يظن بالله ظن السوء، ويتوهم عن الذات العلية أفكارًا غير صحيحة، فهذا يحجبه عن الله عز وجل، فأفضل ألف مرة أن تخطئ في الوزن من أن تخطئ في الميزان، فالخطأ في الميزان لا يصحح، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر.
الحقيقة أن الآيات التي تدل على عظمة الله لا تعد ولا تحصى، وقلت مرة: لو أنّ إنسانًا في مقتبل حياته قال: مليار مليار إلى أن وافته المنية في الثمانين، لا تنتهي آيات الله عز وجل، وهذا مأخوذ من قوله تعالى:
﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً ﴾
وفي آية ثانية:
﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾
ومعلوم لديكم أن محبرة صغيرة تكفي الطالب سنوات وسنوات، فكيف إذا كانت مياه البحار كلها في سبعة أضعاف هي المداد لكلمات الله؟ قال:
﴿ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾
تحقق حاجات الإنسان من خلال النبات :
ولكن الله جلت حكمته أعطانا من هذه الآيات التي لا تعد ولا تحصى عدداً محدوداً، أنا أسمي هذا العدد هو منهج الإنسان في التفكر في ملكوت السموات والأرض، بل إن هذا العدد اختاره الله لحكمة بالغة، لأن هذه الآيات قريبة منا، من حياتنا اليومية، فأقرب شيء منا هذا النبات، وفي آية في سورة المائدة ورد ذكر النبات في كلمتين، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
فأنت ترى أن الخشب نصنع منه الأثاث، بعضها أثاثات المنازل، وبعضها لاستعمال الصناعة، وبعضها للتدفئة، وبعضها للأساس، أما كلمة نبات فكل شيء، هناك نبات نتغذى من أزهاره، ونبات من أوراقه، ونبات من جذوره، ونبات فيه دواء، ونبات فيه أصبغة، ونبات فيه مواد خفيفة كالفلين، ونبات فيه مواد نتعامل بها كالمواد الصلبة كالكوشوك، ونبات يعد أواني، ونبات يؤخذ منه الورق، لو ذهبت تبحث عن أنواع النبات لما وجدت من سبيل لإحصاء النبات، نبات حدودي بين البساتين، نبات يعد مسطحاً أخضر هذا بذور المرج، نبات ورود ورياحين، ونبات لإمتاع الإنسان، ونبات ليكون مظلة لك أمام البيت، فلما قال الله عز وجل:
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾
تقريباً معظم حاجات الإنسان تتحقق من خلال النبات، لكن محور هذا اللقاء حول باحث من دولة عربية عرف بإنتاجه العلمي والعملي على المستويين العربي والدولي، اختصاصه في علم فزلجة النبات، وهو أستاذ جامعي له وزنه العلمي.
المذيع:
ما معنى دكتور فزلجة النبات ؟
فزلجة النبات :
الأستاذ:
نحن عندنا فيزيولوجية، علم وظائف الأعضاء، عندنا تشريح المعدة وفيزيولوجية المعدة، وظيفة المعدة فيزيولوجية، أما تشريحها فتشريح، ومعلوم لديكم أن الطلاب في الطب في السنة الأولى يدرسون علومًا عامة، وفي الثانية التشريح، وفي الثالثة الفيزيولوجية، وفي الرابعة الأمراض، وفي الخامسة علم الأدوية، هذا هو المنهج.
هذا الأستاذ العلمي الذي له وزنه، اشتهر بتجاربه العلمية الرائدة، أما التجربة التي سنعرض لها فربما لا تصدقونها أيها الأخوة المستمعون، إلا أن الواقع أثبتها، ويؤكد هذا الواقع القرآن الكريم، إذ قال تعالى:
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ﴾
أي ما من شيء إلا يسبح بحمده.
تسبيح النبات للخالق العظيم :
قد يقول قائل: إن هذا التسبيح من إتقان الصنعة، فإذا نظرت لهذه الوردة قلت: سبحان الله! ليس هذا هو المعنى، لأن الآية تقول:
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾
أي لها تسبيح خاص، فالنبات يسبح، وفي قوله تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾
وفي آية ثالثة:
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
وفي آية رابعة:
﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ*وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾
هذه الآيات تؤكد أن للنبات تسبيحاً للخالق العظيم، وهناك بداية بحوث تؤكد أن للنبات حياة نفسية، لكن هذه التجربة تقع على رأس هذه المحاولات لاكتشاف الحياة النفسية للنبات.
المذيع:
فضيلة الدكتور، هل هذه التجربة قديمة أم حديثة؟
النباتات كمخلوقات الله تشعر وتسمع وتستجيب :
الأستاذ:
النباتات كالأجرام السماوية، وكمخلوقات الله الأخرى تشعر، وتسمع، وتستجيب سلباً أو إيجاباً لما حولها من مؤثرات خارجية، هذا ملخص البحث.
وأمّا مفصّله فقد أجرى هذا الباحث في حديقة كلية العلوم تجربة عام 1997 فنصب أربعة بيوت بلاستيكية موحدة في حجمها، وزرع فيها قمحاً من نوع معين واحد، وملأها بكميات متساوية من التراب، وغرس فيها بذور الحنطة على عمق واحد،
وتمّ تسميدها جميعاً بكميات متساوية من سماد معين، وسقيت جميعاً بذات العدد من السقيا، وبكميات متماثلة من الماء، العجيب أنه أراد التوحيد في كل شيء في الحجم، والتربة، ونوع البذار والسقيا، وزمن السقيا، ونوع السماد، ثم اختار إحدى طالباته لتقرأ السورة القرآنية التالية على أحد البيوت البلاستيكية، سورة يس، والفاتحة، والإخلاص، وآية الكرسي، مرتين في الأسبوع على البيت الأول،
عندنا أربعة بيوت، أول بيت تلت طالبة من طالباته في الأسبوع مرتين سورة الفاتحة والكرسي والإخلاص ويس، وفي البيت الثاني كلف طالبة أن تأتي بنبات، وتمزقه أمام بقية النبات، وتعذبه،
وتقطع أوصاله، وتذكر كلمات قاسية نابية أمام هذا النبات، كلام قاس، وناب، وتمزيق، وتعذيب لنبات أمام نبات، وكما قلت قبل قليل: مرتين في الأسبوع، وكلف طالبة ثالثة بضرب النبات الثالث، وكيّه،
وتعريض وريقاته للقص، فهناك نبات عذب أمامه نبات، وهناك نبات تلقى التعذيب مباشرة، وهناك نبات قرأت عليه آيات القرآن الكريم، وأما البيت الرابع فترك ينمو نمواً طبيعياً، وأطلق عليه اسم البيت الضابط، فماذا كانت النتيجة؟
البيت الرابع هو المقياس، والأول سمع القرآن، والثاني لقي التعذيب، والثالث رأى التعذيب، النتيجة طبعاً هو وضع هذه التجربة قبل زمن من انعقاد مؤتمر علمي، فحينما قطف النتائج كان هناك علماء من شتى بقاع العالم، فماذا كانت النتيجة التي عرضها في مؤتمر علمي؟ أن نبات البيت الذي استمع للقرآن الكريم ازداد طوله أربعة وأربعين بالمئة من طول النبات الضابط في البيت الرابع،
وازدادت غلته مئة وأربعين بالمئة من غلة البيت الرابع الضابط، أما البيت الثاني والثالث اللذان تحملا التعذيب ورؤيته فقد تدنى طول نباتهما خمسة وثلاثين بالمئة، وهبط إنتاجه إلى ثمانين بالمئة، وهذا تفسير علمي للبركة، فحينما يزرع المؤمن يقرأ القرآن بنفس طيبة، ويذكر الله دائماً فهذا الذكر أمام النبات يزيد في الغلة.
المذيع:
سبحان الله ! تجربة علمية مقنعة في آن واحد، هذا ما يحصل عليه المؤمن حينما يذكر الله سبحانه وتعالى، وكما ذكرتم في البداية أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
هذا هو ما يحصل عليه من يذكر الله سبحانه وتعالى، إن كان على نبات، أو حيوان، أو ما شابه ذلك.
من يتعرف إلى الله يملك شفافية رائعة :
الأستاذ:
لكن يجب أن نعتقد أن لكل شيء خلقه الله في هذا الكون نفسًا تسبح الله بطريقة لا نعرفها، حتى الجمادات لها نفوس، لو درس الإنسان الفيزياء لرأى أن هذه المواد الجامدة فيها ذرات، فيها نواة، وكهارب، ونيترونات، وحركة دائبة تدور حول هذه النواة، فكل شيء فيه حياة، فقال:
﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾
تروي السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب على جذع نخلة، فلما صنع له أصحابه المنبر حنت النخلة إليه، فكان يقف على المنبر، ويضع يده على النخلة إكراماً لها، فَعَنْ جَابِرَ بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ:
(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَسْتَنِدُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ، وَاسْتَوَى عَلَيْهِ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السَّارِيَةُ كَحَنِينِ النَّاقَةِ، حَتَّى سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَنَقَهَا، فَسَكَتَت ))
فالمؤمن حينما يتعرف إلى الله يملك ما يسمى بالشفافية، يتعامل مع المخلوقات تعاملاً فيه مشاركة، ومحبة، ومودة.
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا، أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ، قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا: فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ: وَتُدْئِبُهُ))
((عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ ))
هذا قبل البعثة.
تقنين الله لعباده تقنين تأديب وتربية :
المؤمن حينما تشف نفسه يتعامل مع من حوله في مستوى من المشاركة الوجدانية والمحبة، ولأن الإنسان أحب الله فيحب كل مخلوقاته، ومخلوقات الله عز وجل كلها في خدمته، لأنها مسخرة إليه.
مرة كنت في زيارة بستان في أطراف دمشق، وقد زرع صاحبُه بعضاً من مساحته بالقمح، أمسكت خمساً وثلاثين سنبلة من حبة قمح واحدة، حبة قمح أنبتت خمساً وثلاثين سنبلة، وعددت حبات سنبلة واحدة فوجدتها خمسين حبة، فكان المحصل ألف وسبعمئة وخمسين حبة من حبة، فهذا يبين أن فضل الله لا حدّ له، فأحياناً نزرع القمح في بلدنا الطيب، في بعض الأعوام مجموع إنتاج القمح بلغ ستمئة وخمسين ألف طن، في بعض الأعوام أربعة ملايين طن، فهذا عطاء الله عز وجل ليس له حدود.
فالعبرة أن نؤهل أنفسنا لهذا العطاء، لأن الله سبحانه وتعالى لا يعقل ولا يقبل أن يقنن تقنين عجز، نحن بني البشر إذا قننا فنقنن تقنين عجز، فنقطع الكهرباء والمياه، هذا من عجزنا، لكن الله عز وجل إذا قنن فيقنن تقنين تأديب.
مرت المنطقة بسنوات فيها شح بالأمطار،قرأت بحثاً عن سحابة في الفضاء الخارجي اكتشفت قبل أعوام يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في أربع وعشرين ساعة بالمياه العذبة، وهذا يؤكد قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ﴾
وحتى نفهم ما يجري في الأرض من تقنين.
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾
فتقنين الله عز وجل لعباده أحياناً يعد تقنين تأديب وتربية، لا تقنين عجز وافتقار.
المذيع:
أيها الأخوة والأخوات، وكما حدثنا فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي عن دلائل نبوة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد حن النخيل ليديه الشريفتين عليه الصلاة والسلام، وصلى عليه الحجر.
كنا قد بدأنا في بحثنا في هذا اللقاء في أثر القرآن في تقويم سلوك النبات، فكانت تجربة جميلة جداً في باحة لدولة عربية مجاورة.
رحمة النبي بالحيوان :
الأستاذ:
من دلائل نبوته أيضاً أنه رأى إحدى أصحابه يذبح شاة أمام أختها، فغضب غضباً شديداً، قال:
(( أتريد أن تميتها مرتين؟ هلا حجبتها عن أختها ))
هذه رحمة النبي بالحيوان صلى الله عليه وسلم.
خاتمة و توديع :
المذيع:
يدلنا هذا البحث وهذا الكلام من السيرة النبوية الشريفة أن للنبات حياة، وله حس، ويشعر بالآخرين، كما للدابة شعور أيضاً.
أخوة الإيمان والإسلام إلى حلقة قادمة، وهذه الحلقات مع فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي، نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته